علاقة الفرد بالمحيطين به تعتمد على قوة ثقته بنفسه ورضاه عنها؛ فهو شعورٌ ينبع من الفرد المُحب لنفسه والمُراعي لقدراته فيعكس ذلك في تعامله مع الغير والمقربين منه. وعلى والنقيض، هناك من يفتقد ذلك الحس النابع من حب النفس وتقديرها؛ فتجده لا يعرف مقدار نفسه حتى يقدر العلاقات التي تحيط بها.
ولو سألت أحدهم: أتحب نفسك؟ لأجاب: نعم.
وبالمقابل إن سألته أيضًا: إذن وكيف تحب نفسك؟
لتبدأ الردود المتضاربة؛ إبتداءً بالتخمين ثم التنظير ثم ضرب الأمثلة؛ فتظهر المعضلة الحقيقية بتفاوت الإجابات التي تتمحور حول تلبية بعض الاحتياجات التي دائمًا ما تطمح الروح لاقتنائها.
لكن في وقفة حقيقية مع ذاتك إن تساءلت؛ كيف أحب نفسي؟ أو بأصح العبارة كيف أتأكد بأنني أحب نفسي فعلًا لا قولًا فقط؟ وباجتهاد فردي قد يسأل الفرد نفسه أو يفترض بعض النقاط البسيطة التي قد تحمل تأثيرًا عميقًا على النفس البشرية، على سبيل المثال:
أولًا: تكليف النفس حسب طاقتها؛ فهناك من يعيش وهو مكلفًا نفسه فوق ما تطيق بحجة “أنا أستطيع”، ناسيًا بأن الجميع يستطيعون لكنهم يحترمون الحد الذي تطيقه نفوسهم.
ثانيًا: قدراتك سلاحك؛ معرفة قدراتك يعني معرفة نطاق استطاعتك الذي ستكافح على أساسه وستوظفه في المكان الملائم له وتتخطى العقبات بموجبه.
ثالثًا: رضا نفسك عنك يفوق رضا الآخرين عليك؛ وتأكد بأن سعيك لرضا نفسك سينعكس على الآخرين في نسبة رضاهم عليك. لأن رضا النفس نابع من تقديرها الذي يلزم الآخرين لا شعوريًا على احترام هذا الجانب فيك والذي بالمقام الأول سيتعاملون معك على أساسه.
رابعًا: تعامل بقناعاتك أنت لا بقناعة غيرك؛ وإن كنت تؤمن بأنك على صواب كن أيضًا على ثقة بأنه ليس من واجبك إقناع الغير بما تؤمن به أو تراه صائبًا.
خامسًا: اشتري من زحمة وقتك وقتًا لنفسك أنت؛ فالأغلب في زحمة حياته ينسى أن يعيش دقائق بسيطة لرفاهية نفسه ورضاها.
سادسًا: لهوايتك عليك حق؛ فمن فترة لفترة تذكر شغفك وحاول قضاء ولو وقتًا بسيطًا في ممارسة ما تهواه لتكسر روتينك العملي بعمل آخر تحبه نفسك.
سابعًا: فيما يخص من تحب اعطِ نفسك فرصة للبقاء معهم؛ فالنفس تتوق لمجالسة من تهوى ولا يروي ظمأ القلب إلّا وصال من يحبه ولا تجعل من غرورك المرضي أو كبرياءك الكاذب أداة تكسر بها نفسك حتى تخسر من تحب.
ثامنًا: تنازل عن كل ما يرهق نفسك وتفكيرك؛ بعض المواقف والأمور والمشاعر تستنزفك وتستهلك الكثير من نفسك وكلما تمسكت بها كلما فقدت من بريقك حتى تتلاشى روحك المعطاءة مع الوقت فتغدو ظاهريًا بأفضل حال لكن فارغًا من الداخل.
تاسعًا: هل تتذكر نفسك دائمًا في الأفراح والأحزان، أو في المواقف المحرجة والعابرة، أو فيما يضايقك أو ترتاح له؟
عاشرًا وأخيرًا: هل من الصعب أن يسعى المرء وراء كل ما يدخل السرور لقلبه؟
وعلى الرغم من أن ما ذكر أعلاه هو غيضًا من فيض حبنا لأنفسنا؛ وبنسب متفاوتة قد لا يكون ما ذكر مقياسًا لحب النفس لكن على اقل اعتبار كيف لنا أن نعترف بحب أنفسنا ونحن أما متجاهلين أغلب ما سبق ذكره أو لم نؤمن بمنطقية بعضه!؟
هاجر هوساوي
HajarHawsawi@