ضعف الخيال
عندما نمضي ساعات طويلة في استخدام الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والحواسيب، يقل تفكيرنا الإبداعي ويزيد التركيز على الأمور السطحية. ونتيجة لذلك، يصعب علينا إيجاد حلول للمشكلات والتفكير في الخيارات البديلة.
إنّ استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مفرط يؤثر سلبًا على الخيال والإبداع لدى الأشخاص، وذلك لأنه يقلل من الحاجة إلى التفكير الإبداعي والاستنتاجات الخاصة. فعندما يتلقون المعلومات من الإنترنت والوسائل الإعلامية، فإنهم لا يحتاجون إلى التفكير بشكل خاص في موضوع معين أو إيجاد حلول للمشكلات، لأنهم يمكنهم الاعتماد على المعلومات المتاحة بسهولة. وبالتالي، يصعب عليهم التفكير بشكل مستقل والتحلي بالإبداع.
وأضيف شخصيًّا إلى كل ما سبق روبوتات المحادثة الذكية الجديدة كشات جي بي تي مثلًا “ChatGPT”..
فقد تُصدمون إن قلتُ لكم أنّ كل ما ذُكِر في السطور السابقة ليس من كتاباتي، بل هو من كتابة الروبوت ChatGPT المرعب.
سألتُ الروبوت بكل بساطة: هل تستطيع كتابة مقال عن ضعف الخيال عند الانسان بسبب استهلاك وسائل التواصل الاجتماعي؟
ثمّ كانت إجابته كالتالي:
بالتأكيد، يمكنني كتابة مقال عن هذا الموضوع. إليك نسخة من المقال:
ثمّ رأيتم تلك النتيجة المُذهلة.. كلّ ما أردت أن أكتبه في هذا المقال قد صاغه لي الروبوت في أقل من عشر ثوانٍ..
العمل الذي كان سيستغرق منّي ساعة قد اختصره ذلك الروبوت في ثوانٍ معدودة..
كيف يمكن لأي شخص أنّ يغفل أو يتحمّل عدم استغلال أداة هكذا؟
وتخيّلوا معي بمرور الزمن، ألن يكون التفكير شيئًا مُتعِبًا بحيث يجعلنا نعتمد الاعتماد الكلّي على الأدوات التي صنعناها بأيدينا؟
قد نصبح في يوم من الأيام أدوات لأدواتنا، ربّما ليس بالحدة التي صوّرها لنا فيلم The Matrix، ولكنّها ليس بعيدة عن الصحّة كذلك..
وعلى ذكر الفيلم، كنتُ أتساءل في الفترات الماضية عن سبب سوء كثير من الأفلام الجديدة أو المتمّمة لأفلام قديمة، وأشعر أنّ أحد الأسباب يعود إلى ضعف الخيال لدينا لاستهلاكنا الشديد لوسائل التواصل الاجتماعي..
أصبح الانسان لا يشعر بالملل إلا نادرًا كما ذكرت في مقال سابق “الملل المحمود” لوجود كلّ تلك المُلهيات..
وعدم الملل ذاك أدّى إلى اضمحلال قدرة الانسان على خلق عوالم في خياله، وكانت النتيجة ضعف العملية السينمائية، فلم نعد نجد أعمال كعالم جورج مارتن “صراع العروش” أو تولكين “سيّد الخواتم”..
والآن.. ماذا بعد أن أضفنا إلى تلك المعادلة هذه الروبوتات الجديدة التي ستغنينا عن كتابة الحكايات حتى؟
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi