الأمة العظيمة دليل على وجود شعب أعظم يعكس حجم الوعي المجتمعي المرتبط بالمسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتق الفرد تجاه مجتمعه.
مؤخرًا في المملكة العربية السعودية تعددت الوسائل التي برزت فيها أوجه التكافل الاجتماعي؛ فأصبحت هموم الفرد واحزانه كهموم العامة واحزانهم، وما يؤلم فردًا يؤلم سائر المجتمع أو المنطقة التي يعيش بها.
فلا أنقى من أن يستيقظ المرء صباحًا على أخبار محليه تشعره بحجم الإخاء المجتمعي الذي وصل له أبناء الوطن الواحد المتعدد مناطقيًا ومذهبيًا والمختلف في اهتمامات وتفضيلات أفراده. ولا أجمل من أن تكون شاهدًا حيًا على عمق الترابط الذي تأصل بين أفراد المجتمع الواحد حتى أصبحوا يتشاركون اغلب ما يسبب لهم السعادة أو الأسى أو القلق ولا يتوانى من لديه الاستطاعة في تقديم العون والمساعدة مهما كانت صغيرة وبسيطة. فالهدف الأهم إشعار الآخرين بأهميتهم وأهمية زوال همومهم؛ وأن ما يقض مضجعهم يؤثر على الجماعة حتى يتخطوا الهموم التي ألمّت بهم.
فمحبة الشعب السعودي وحكومته ظهرت جليًا أمام سائر الشعوب قبل عدة أشهر؛ متمثلًا ذلك في مبادرة فُرجت عبر منصة أبشر الإلكترونية؛ فهي مبادرة تعاون فيها أفراد المجتمع على سداد ديون السجناء والمعسرين ومازالوا حتى هذه اللحظة يساهمون في قضاء ديون الآخرين من خلالها. وبوسائل التواصل الاجتماعي بات صوت المواطن صداحًا في سبيل نجاة قريبًا له أو صديق وكان ذلك بدعم المؤثرين وحسابات الأفراد؛ فتمت الاستفادة من منصات التواصل الاجتماعي ابتداءً بالتعريف بحالات المتعففين والتأكد من صحتها ممّا سهل الوصول لهم والوقوف على حالاتهم انتهاءً بمساعدتهم؛ وأيضًا تكاتف الأفراد بدعم المشاريع الوطنية الصغيرة في منابرهم المتعددة في وسائل التواصل الاجتماعي بالترويج لها حتى تري النور وتصل للنجاح المرجو منها؛ بالإضافة إلى ذلك تجاوب الأفراد مع حالات طلب التبرع بالدم والحرص على نشرها لمحاولة الوصول لأكبر عدد ممكن من المتبرعين؛ وعلاوة على ذلك فقد تمت بعض عمليات التبرع بالأعضاء بعد إعلان ذوي المرضى عن حالتهم في وسائل التواصل. وأنبل مثال على تعاضد الشعب السعودي؛ تفاعلهم مع نداءات الآخرين الداعية لزيارة المرضى الذين لا يجدون من يسأل عنهم أو يزورهم في أوقات الأعياد والمناسبات العامة والخاصة.
أخيرًا وخير وجه من وجوه التكافل الاجتماعي تمثل هذه الأيام في مد يد العون لصاحب مطعم كشري الباشا الذي تحدث عن خسارته الأخيرة فتوالت عليه المساعدات عاصفه من بين داعمٍ له ومشتريٍ منه ومساهمٍ في الإعلان له ومسهلٍ للوصول إليه. فكان ذلك من آخر وأكثر النماذج التي أظهرت محبة وشهامة السعوديين التي لا ينكرها مقيمٌ معهم أو مُجاورًا لهم من دُول اخرى.
لذلك نستطيع القول أن وراء كل وطن عظيم شعب أعظم يعيش بجسدٍ واحد.
قال رسول الله ﷺ: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
✍🏻 هاجر هوساوي