ففي عز الهدوء الذي أصبح روتيني الذي جعلته متنفسًا لا أتنازل عنه كنت اُفكر فيما أراه من وجهة نظري مهمًا؛ وعلى الرغم من أنها مجرد توافه في نظر البعض لكنها باتت عظيمة في نظر إخوتي كما استعظمتها من وجهة نظري.
لذا تساءلت:
أيشعر بقساوة الأيام وحيدًا من لديه إخوة يتكئ عليهم في ضيق العيش ورخائه…!؟
أيخشى الظلام وطول الطريق وصعوبة التحديات وقلق العبور وبرد الشتاء من لديه إخوة…!؟
فالأخوة إن لم تكن كلام وأفعال وسلوك فهي شعارًا للمجاملة لا طائل منه؛ فينتهي بانتهاء الوعود والأحاديث الجانبية في لحظة سعادة غامرة.
قالت احداهن أأنتم إخوة؟ استغربت حديثها في صمت وعينا إخوتي تُشاركاني ذات التساؤل…!
أليس غريبًا ألّا نكون إخوة ونحن نحاكي سلوكيات بعضنا البعض لا شعوريًا بنفس الكلمات والحركات والإيماءات والمرادفات الغريبة والابتسامات الاستنكارية التي قد يجدها غريبًا عنّا ساخرة بعض الشيء.
فمن الغريب ألّا نكون إخوة…! وكيف لا نكون؟ ونحن نتواصل فكريًا من غير أن نفصح عنما يجول في خواطرنا.
بالله وكيف لا نكون…! ومن نظرات وسكنات وسلوكيات أحدنا الآخر قد عرفنا ما يرغب فيه وما يفكر فيه وما ينوي القيام به أو يطلبه؛ ففي حضرة أحدنا لسنا بحاجة أن نسأل أو نطلب…!؟
فعلى سبيل المثال: أنا أفكر وهم يشعرون، واتساءل في عقلي وهم يُجيبون، وأرتب أولوياتي وهم ينفذون على أساسها، ورغم بُعْد مسافة بعضنا أشعر بالضيق وهم يخططون في أي وسيلة تدخل السرور لقلبي؛ فتجدهم هائمون في ملوك الله يفكرون في أسباب سعادتك وصفاء بالك وهناء حياتك، إذن فكيف لا نكون إخوة. فلا أجمل من أن تغمض عيناك وأنت تُفكر وتستيقظ وهم قد فكروا عنك وبدأوا بتنفيذ اهدافك التي أوقفتها عراقيلًا كبيرة وقفوا مسبقًا على تفاصيلها التي غدت بسيطة في سبيل تحقيق ما تؤمن به وتراه صائبًا. أو في أكثر الاحتمالات غرابة وأكثرها تآلف روحي واهتمام قد يفكروا بحلول مشكلتك التي لم تقع بعد؛ هو فقط شعورًا غريبًا يعتريهم بشيء غير مريح بشأنك غض مضجعهم وأقلقهم عليك بشكل تعجز عن وصفه أنت وهم؛ فهي حالة لن يفهمها إلّا من تعلقت روحه بشكل استثنائي بروح إخوته.
لذلك فالأخوة إن لم تكن إيثار ورحمة ومودة واحترام فلن تكون إلّا رباط دم يُحكي عنه كأسطورة ولا يُرى. فهي ذلك الكنز الدفين الذي لا تفتأ من البحث عنه؛ وكلما اكتشفت منجمًا ثمينًا لن تقتنع به فقط، بل ستجد نفسك منخرطًا أكثر في البحث عن الأكثر أثرًا وقيمة وأهمية من الذي قبله. ولأن متعتهم تكمن في البحث عن كنز الإخوة الثمين الذي يتعاظم وترتفع قيمته مع الأيام، يبدأوا باكتشاف سببًا يبهجك كأخ واخت، فإن اكتشفوه بحثوا عن آخر يريحك، وإن وجدوا أسباب راحتك بدأوا بالبحث عن عوامل نجاحك وسُبل تطورك وهكذا.
وهذه حقيقة كتبتها عن أشقائي وشقيقاتي؛ فحدثوني عن كنز الأخوة الذي وجدتموه في قرابتكم؟
هاجر بنت عبدالله هوساوي
HajarHawsawi@