
الحمد لله الذي ما تم جهد إلا بعونه، وما خُتم سعي إلا بفضله. أولاً اشكر لله عز وجل والشكر موصول كذلك لمقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود لما نتلقاه من دعم وتيسير لنا في رحلة الابتعاث والشكر لوطننا الغالي الذي منحنا فرصة الابتعاث وكذلك اشكر مقام وزارة التعليم وكذلك الملحقية الثقافية السعودية بأمريكا وعلى رأسها سعادة الملحق د. فوزي بخاري على حرصه الدائم وتوجيهاته المنيرة وتذليل كافة الصعوبات للمبتعثين ومرافقيهم.
عزيزي القارئ أكتب هذا المقال استجابة لرغبة بعض الزملاء والزميلات في المشاركة بتجربتي في العمل على نظام OPT وما هي الطرق التي اتخذتها سبيلاً للوصول لغايتي. ولذلك عزمت على الكتابة واستعنت بالله وأطلقت العنان لقلمي راجياً أن ما يكتبه يعودُ بالنفع للقارئ.
بدايةً، يهدف الطالب المبتعث خاصةً عند تخرجه إلى البحث عن فرص عملية في بلد الابتعاث حتى يتسنى له تطبيق محصلته العلمية النظرية على الواقع العملي، وفي الغالب فإن فرص العمل سواء فترة الدراسة أو بعد التخرج تأخذ شكلين: “تدريب، وظيفة”. ويوجد تنوع في وفرة الفرص التدريبية للطلاب الدوليين على حسب تخصصاتهم، فبعض التخصصات يكون من السهل على الحصول على فرص تدريبية ووظيفية، والبعض الآخر يصعُب فيها الحصول على تلك الفرص. ولأنني كنت أدرس في تخصص ينُدر فيه حصول الطالب الدولي على فرص تدريبية ووظيفة ذات قيمة علمية وعملية وتضيف للوفرة العلمية، وبالتالي فلم تتسنى لي فرصة التواصل مع أي من أقراني الطلاب في هذا التخصص ممن حصل على مثل هذه الفرص، وكان ذلك سببا في تقليل عزيمتي ولكن عقدت التوكل على الله والبحث عن الفرص من تلقاء نفسي. لا شك أنني في رحلتي الطويلة في البحث عن مثل تلك الفرص قد أخطأت في بعض التصرفات وتعلمت من أخرى، ولكن المحصلة النهائية كانت استفادة عظيمة لعلي أستطيع أن أوجزها في مقالي هذا.
تتلخص أحداث قصتي مع وظيفة الـ OPT هنا: أثناء دراستي الماجستير في كلية القانون بتخصص قانون الضرائب بجامعة Pennsylvania State University في خريف عام 2020م كان لدي طموح العمل بالجامعة “دوام جزئي” وبفضل من الله حصلت على ذلك في منتصف الفصل الأول، حيث عملت كمساعد بمكتب خدمات الطلبة الدوليين في الكلية. حقيقة كان العمل شاقاً، خصوصاً مع الصعوبات التي نواجهها في أول فصل دراسي في بلد الابتعاث، حيث أن النظام التعليمي مختلف تماماً عما اعتدنا عليه. ولكن سرعان ما كبر الطموح لدي بأن اعمل بالكادر الأكاديمي وبالفعل استغليت وقت دراستي بالتواصل الفعال مع عميدة الكلية والمساعد للشؤون الأكاديمية وبعض أعضاء هيئة التدريس بالكلية. في أبريل عام 2021م – قبل تخرجي بشهر واحد- تلقيت بسرور خبر ترشيحي لأصبح مستشاراً أكاديمي بالكلية ومشرف على برنامج الماجستير فيها، وحيث أن مثل هذه المهام الوظيفية كانت أحد أهدافي التي سعيت لها طوال فترة الدراسة، فقد قبلت الوظيفة دون مناقشة. وأثناء ذلك وبحكم تكويني للعلاقات بشتى عمادات الجامعة، تم ترشيحي للعمل كمدير لبرامج الشرق الأوسط بالجامعة وبدأت العمل بكل جد واجتهاد محاولاً الجمع بين هذه الوظيفتين بما لا يخل الأداء فيهما. وفي إحدى الاجتماعات الرسمية مع مكتب نائب مدير الجامعة بصفتي كمدير للبرامج وبعد انتهاء الاجتماع. انتابني طموح جديد بأن ابدأ في تحدي آخر. وبالفعل استأذنت لمقابلة السيد نائب مدير الجامعة ولله الحمد حصلت على عرض للعمل لديه كمستشار قانوني بمكتبه واستمتعت جداً بالمشاركة في صياغة عقود الشراكات المبرمة مع الجامعات بالمملكة العربية السعودية، كما قد تمكنت من التباحث وإعداد مذكرات التفاهم -ممثلاً للجامعة- لبرامج التعاون بين الجامعة وعدد من الجامعات في المملكة العربية السعودية. لا أخفيكم أثناء تعمقي بالعمل واحتكاكي ببعض أعضاء هيئة التدريس وبعض موظفي الإدارة القانونية توفرت لدي فرص للعمل بمكاتب محاماة تعمل مع الجامعة، ولكن سرعان ما حال القدر عن ذلك بصدور قرار ابتعاثي لمرحلة الدكتوراه بفضل من الله وتوفيق منه كاتباً بذلك نهاية تجربتي العملية في الجامعة. وكان أكثر ما حرصت عليه في آخر فترة عملي هو أن أقوم بتوثيق علاقاتي مع الزملاء والبقاء معهم على تواصل دائم ولكن تطلعاً للتعاون في المستقبل.
عزيزي القارئ سأستغل بقية المقال في إبداء بعض النصائح المهمة التي استلهمتها من هذه التجربة الثرية لعلها تكون سبباً في مساعدتك على الوصول إلى الهدف الذي تتمنى تحقيقه.
أولاً: يجب عليك الاطلاع ومعرفة إجراءات التقديم للحصول على بطاقة Authorization work card OPT وفي حال وجود أي صعوبات، فأنصحك بالتوجه لمكتب الطلبة الدوليين بالجامعة كون موظفي المكتب هم المخولون بالبدء في تلك الإجراءات.
ثانياً: الاحترافية في التواصل وأعني بذلك معرفة الطرق الصحيحة والاحترافية للتواصل مع أي جهة عمل محتملة، على سبيل المثال: معرفة كيفية إرسال بريد إلكتروني متضمناً نبذة تعريفية عن نفسك، والغرض التي تسعى فيه للتواصل مع تلك الجهة. حيث أن التواصل الأول يعد أهم أسباب نجاح رحلتك في الوصول إلى الهدف وهو الفرصة الوظيفية واليوتيوب خير معلم ومفيد لذلك.
ثالثاً: التسويق بطريقة غير مباشرة لنفسك واستغلال مكامن القوة لديك عبر معرفة نقاط قوتك والتي ستكون إضافة لجهة العمل. على سبيل المثال: في حال التواصل مع أحد مكاتب المحاماة يمكنك القول بأنك مؤهل للعمل بلغتين، ولديك خبرة علمية وعملية في نظام قانوني آخر وبذلك ستجلب تنوع في الخبرة القانونية لهذا المكتب.
رابعاً: وجود ملف LinkedIn مكتمل وكذلك سيرة ذاتية مُصاغة بطريقة مهنية عالية والاطلاع الدائم على فرص العمل المتوفرة بأمريكا ليتسنى لك معرفة الحد الأدنى من الشروط المطلوبة في الموظف. كما يجب عليك زيارة مركز التوظيف بالكلية “Career Center” حيث يوجد لديهم مختصين بهذا الشأن ويمكنك الاستفادة من خدماتهم وخبراتهم.
خامساً: مراسلة مسؤولي التوظيف LinkedIn أو أحد الموظفين بالجهة المراد التوظف لديها لإيصالك بمسؤولي التوظيف HR وستكون سعيد الحظ إذا حصلت على توصية منه.
سادساً: الانضباط بالمواعيد والالتزام بالمدة المحددة للمقابلة. فإنها تعطي انطباع أنك شخص منضبط ومهتم بوقتك وتقدر وقت الآخرين.
سابعاً: بالإضافة لموقع LinkedIn يوجد أيضاً مواقع وظيفية أخرى مثل Check hand، Indeed، U. S jobs ومحرك بحث الوظائف على LinkedIn ولا تنسى عند التقديم فعل ما أشرت إليه بالفقرة الرابعة.
ثامناً: التسجيل للحصول على العضوية هيئة المحامين الأمريكية حيث تمكنك بالعمل على قضايا تطوعية والتي تتيح لك بالعمل بالقرب من المحامين وذلك يقوي علاقتك بهم ويجعل فرصك للوظيفة أقوى.
أخيراً، أعتذر على الإطالة وبذلت قصارى جهدي بالاختصار. إن أصبت فهو من الله وإن أخطأت فهو من نفسي والشيطان. أصدق تمنياتي للجميع بالوصول وتحقيق ما تصبوا إليه. لا تتردد/ي أبداً بالتواصل معي عبر حسابي بتويتر moh_alganmi@ في حال الاستشارة أو المساعدة أو الاستفسار أسعد وقبلها أتشرف بذلك.
بقلم/ مـحـمـد الـغـانـمـي
باحث دكتوراة قانون ضرائب
جامعة واشنطن في سانت لويس