
حكاية اجتهاد ونجاح: رحلتي مع زمالة مسك
بقلم: رقية عجاج
بكل فخر أشارككم رحلتي مع برنامج زمالة مسك، وهو برنامج رائد لصقل مهارات الكوادر الشابة ذات الكفاءات العالية والتطلعات الطموحة. عندما شاهدت إعلان البرنامج الذي يدعوا الطلاب السعوديين الدارسين في أفضل 100 جامعة على مستوى العالم بالتقديم في مارس ٢٠٢١، وقرأت من ضمن مراحله “تعزيز القدرة على صناعة الأثر” الذي سيمكنني من إحداث أثر على مستوى وطني، بادرت بالتقديم لأكون أثرا إيجابيا لذوي الإعاقة. في طلب التقديم أوضحت أني كفيفة وبحاجة إلى تسهيلات خاصة، وأن هدفي الأول هو تمكين ذوي الإعاقة في المملكة وحول العالم. في هذه التدوينة، أشارككم تفاصيل تجربتي على مدار الستة أشهر مع برنامج زمالة مسك، وبداية من أول تعامل مع فريق مسك.
دعم فريق مسك
بعد أن تم قبولي، تلقيت بريد إلكتروني يستفسر عن التسهيلات التي أحتاجها لتساعدني في النجاح بالبرنامج. شعرت بالامتنان بهذه الرسالة، فقد كانت لدي مخاوف كشخص كفيف؛ كيف سيستقبلني فريق مسك؛ وكيف راح يتعامل مع احتياجاتي. بعد أن ذكرت التسهيلات التي أحتاجها؛ أرسل لي الفريق مستندات البرنامج بصيغة وورد حتى أتمكن من قراءتها عن طريق قارئ الشاشة. كما كان الفريق يتواصل معي كل بضعة أسابيع لتفقد سير الأمور وما إذا كانت لدى أي احتياجات إضافية. كنت سعيدة جدا حين شعرت بالاهتمام والحرص على ادماجي في البرنامج بشكل كامل. بسبب دعم فريق مسك ؛ شعرت بالانتماء.
العلاقات الاجتماعية:
على مدار الأشهر الستة في البرنامج الذي امتد من يوليو حتى ديسمبر ٢٠٢١ خضنا تدريبات مكثفة وندوات عن بعد. تقريبا بشكل أسبوعي كانت لدينا جلسات مختلفة حول القيادة، وتطوير الأعمال، وقصص النجاح. إن المكسب الأكبر الذي خرجت به من برنامج زمالة مسك هو مجموعة العلاقات التي بينتها مع مدربي، والمرشدين، والمتدربين، والزملاء. كنت برفقة مدرب رائع من Change Your Game الذي كان مسؤولا عن تعزيز مهاراتي الاجتماعية والمهنية. في فريق المسابقة، حظينا بمرشد خبير من Bain & Company متخصص في تحديات أهداف التنمية المستدامة لتوجيهنا على مراحل المسابقة. بعد اجتيازي للتدريب التوجيهي، عملت مع المتدربين الرائعين من برنامج الإعداد الجامعي من مسك. وأخيرا، طوال الأشهر الستة في البرنامج التقيت وتعاونت مع زملاء موهوبين ومبدعين من جامعات مختلفة حول العالم.
في الوسط الأكاديمي، أنا معتادة على العمل مع الباحثين في العلوم الاجتماعية الذين يشابهونني في طريقة التفكير. أما في برنامج زمالة مسك، فقد عملت مع أشخاص من خلفيات مختلفة معظمهم من مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM). وبالطبع لكم أن تتخيلوا سوء الفهم ومشاكل التواصل التي حدثت بيننا بسبب أساليبنا المختلفة في التعامل مع الأمور. ولكن الحمد لله معسكر القيادة التدريبي في بداية البرنامج علمنا مهارات حل المشكلات، فاستطعنا التغلب على الخلافات بيننا والتأكد بأننا نفهم بعضنا البعض بشكل صحيح. اجتياز هذه الخلافات حقق لنا النجاح في المسابقة.
المسابقة:
المسابقة هي أكثر مرحلة استمتعت فيها من البرنامج. تم تكليفي بالعمل في تحديات أهداف التنمية المستدامة رقم ٨، العمل اللائق ونمو الاقتصاد. كان سؤالنا هو “كيف يمكن للمملكة العربية السعودية الاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والحلول الرقمية في دعم اقتصاد الأعمال المستقلة وتعزيز التمكين الاجتماعي وتوظيف الأفراد من الفئات الأضعف في المجتمع؟”. تم توزيعنا بناء على اهتماماتنا، والهدف رقم ٨ من تحديات التنمية المستدامة كان خياري الأول لأنه يتوافق مع هدفي في تمكين ذوي الإعاقة في المملكة العربية السعودية.
كان علينا كفريق التغلب على بعض الصعوبات مثل: العمل عن بعد، وعدم معرفتنا بعضنا لبعض، وخلفياتنا العلمية المختلفة، للاتفاق على فكرة واحدة. كنا نجتمع أسبوعيا لمناقشة الأفكار ونتحدى بعضنا البعض، وقد كان فريقي داعما للغاية ومتقبلا لكل الأفكار. بعد عصف ذهني مكثف، اتفقنا أخيرا على إنشاء منصة لدعم ذوي الإعاقة في اقتصاد الأعمال المستقلة، وقد اخترنا هذا بسبب وجود العديد من الحواجز التي تمنع ذوي الإعاقة من دخول سوق العمل الحر.
بمجرد اختيارنا للفكرة، بدأت العمل في المشروع دون توقف. شعرت أنه مسؤوليتي تطبيق كل ما تعلمته لضمان نجاح هذا المشروع. وفي حال الفوز، أردت أن يكون المشروع جاهزا للتنفيذ لتحقيق أهدافه.
الاحتفاء بإنجازنا:
كان الحفل الختامي يوما عظيما لا ينسى، التقى فيه جميع زملاء مسك والأعضاء لأول مرة بشكل شخصي؛ للاحتفال بإنجاز إتمام البرنامج. فاز فريقي بالمركز الأول في المسابقة. حقيقة لم أكن أتوقع الفوز رغم أن جميع من حولي قالو “أنت الفائزة! أنت الفائزة!” لأنهم شهدوا مقدار ما بذلناه من جهد في هذ العمل. عندما أعلنوا فوزنا، انتابتني مشاعر مختلطة. لم أكد أصدق الأمر، كنت سعيدة وأفكر كيف سنقوم بتنفيذ المشروع ونحن نسير إلى المنصة للتكريم. أنا فخورة وسعيدة جدا. انتقل مشروعنا للمرحلة التالية مسك الانطلاق، والذي سيؤهلنا لدخول السوق. بالإضافة إلى كل ذلك، تشرفت باختياري لإلقاء كلمة الخريجين، والتي كانت تجربة فريدة لي.

رقية عجاج تقف أمام لافتة مسك “جيل قادة المستقبل” في حفل تخريج قادة مسك المستقبل 2021.
كان فريق مسك داعما للغاية ومتعاونا خلال الحفل. اقتربوا من وعرفوني بأنفسهم، كشخص كفيف فإن لفتات بسيطة كهذه توضح مدى اهتمامهم ورقيهم. وهذا يشكل فارق كبيرا بالنسبة لي، فهي تلبى احتياجاتي ككفيف دون التنقيص من هويتي وإمكاناتي المهنية.
فخورة للغاية وممتنة جدا لكل من دعمني خلال برنامج زمالة مسك. وأنصح كل من يتطلع إلى إحداث تغير مجتمعي في المملكة بالتقديم على البرنامج ليبدأ رحلته.