النصيحة العمياء
يخرج خالد مع صديقه بسّام ذات يوم ليجده ساكتاً طوال الوقت على غير طبيعته المرحة..
لم تدم حيرة خالد طويلاً حتّى بدأ صديقه بالحديث عن رفض جميع الشركات التي تقدّم إليها من أجل أن يحصل على أيّة وظيفة بعد أن فقد الأمل بالحصول على وظيفة أحلامه في الشركات التقنية..
يستمر بسّام بالفضفضة ونجد خالد يهزّ رأسه تارة ويبتسم تعاطفاً مع صديقه تارةً أخرى دون أن يتكلّم..
ولكن ما إن يفرغ بسّام من الحديث حتى نجد خالد يقفز ويقول:
- في شركة ممتازة في الصناعية الثانية توهم فاتحين باب التوظيف الأسبوع الماضي.. وش رايك تروح تشوف وش وضعهم؟
يصمت بسّام لوهلة ثم يبتسم ابتسامة صفراء يتلوها إجابته:
- رحت لهم لكن ما دخّلوني وقتها..
لماذا بدا بسّام منزعجاً؟
حتى هو لا يعلم مصدر انزعاجه تماماً.. فما فعله خالد كان طبيعيّاً كصديق يقدّم النّصح..
أكانت تلك الطريقة الصحيحة لاستقبال النّصيحة؟
النصيحة ليست مشكلة بحدّ ذاتها.. ولكن الشّرَه والحرص الشديد على تقديمها دون الاصغاء يؤدّي إلى الأذى بدلاً من الفائدة في بعض الأحيان..
كما كان خالد، لا أذكر عدد المرّات التي وجدتُ نفسي فيها انتظر الشخص الذي أمامي ينهي كلامه حتى ابدأ بالنّصيحة..
نجد خالد جالساً بجانب بسّام منتظراً تلك اللحظة.. لحظة سكوت بسّام كي يبدأ هو بالكلام.. ولعلّه كان يهزّ قدميه أثناء حديث صديقه لضيق صبره بانتظار تلك اللحظة التي يفتح بها فمه لتخرج تلك النّصيحة العمياء التي تتخبّط دون أن تبصر السبيل المنشود لتصل بعد ذلك مجرّد قالب مفرغ لا نفع فيه..
هذا ما شعره بسّام.. كان خالد يستمع إلى كلامه.. لكنّه لم ينصت إليه..
كيف يمكننا كبح وحش النّصيحة الذي بداخلنا كي نكون ذا نفع؟
ما تعلّمته من أحد مقاطع التيد (TED Talks) في هذا الجانب هو أن أكون فضوليّاً لمدّة أطول في الحوار..
بمعنى أن أصغي أكثر.. أن أسأل أكثر.. ثمّ تأتي النّصيحة بعد ذلك إن كان هناك حاجة لها على أيّة حال..
كان على خالد أن يسأل صديقه عن المزيد.. ماذا يشعر الآن.. وماذا حصل أيضاً.. وما هو السيناريو الأفضل له.. كلّها أسئلة مهمّة وقد تكون أهم من الحل نفسه..
فليس كلّ فضفضة تحكي عن مشكلة وتطلب حلّاً..
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi
مصادر
https://www.youtube.com/watch?v=Kl0rmx7aa0w&ab_channel=TEDxTalks