الإدمان الصحّي
الحاجة القويّة والملحّة إلى القيام بسلوك معيّن.. ذلك هو الإدمان..
وبطبيعة الحال، دائماً ما يرتبط هذا المصطلح بالسلوكيّات المدمّرة كإدمان السجائر والكحول والإباحيات..
لا يختلف على ذلك اثنان.. الإدمان شيءٌ فضيع وأشبه ما يكون بالموت البطيء غير أنّ المدمن قد يجرّ غيره إلى ذلك الموت أيضاً..
ولكن هل كلّ إدمان مؤذي؟ فلنحلّل التعريف قليلاً..
الحاجة القوية والملحة للقيام بسلوك معيّن..
نستطيع أن نقسّم السلوك أو كلّ فعل نقوم به إلى فعل استهلاك وفعل بناء..
إن كانت حاجتي الملحّة والقوية هي في قضاء الأوقات الطويلة على وسائل التواصل الاجتماعي، فذلك فعل استهلاك ملح.. وبطبيعة الحال فهو إدمان مُضر..
وإن كانت الحاجة التي تشدّني باستمرار هي كتابة هذه المقالات، فهذا فعل بناء.. وهو إدمانٌ صحّي..
إذاً فالإدمان قد يكونُ مضرّاً وقد يكون صحّياً..
والآن.. هل نستطيع إيجاد مصطلح للإدمان الصحّي؟
نعم.. إنّه “الشغف”..
الشغف هو ما يجعل الانسان ينغمس في فعل أمرٍ من أفعال البناء دون أن يشعر بالتعب..
حين يأتي شخص شغوف بكتابة الروايات مثلاً، تجده يكتب لساعات طويلة ويكتب ويكتب دون أن ينظر إلى الساعة.. لأن ما يفعله ليس التزاماً.. بل إدمانٌ حقيقي لتلك الهواية.. شغوف بالكتابة..
إدمان الكتابة.. إدمان العلم.. إدمان الرياضة.. إدمان الخدمة المجتمعية.. كلّ تلك الإدمانات إن صحّ التعبير وغيرها من أفعال البناء لا تعود على الشخص إلا بالقيمة المضافة وتصل فائدتها إلى غيره أيضاً..
شاهدتُ في رمضان الفائت مقابلة سمو الأمير محمد بن سلمان في برنامج الليوان مع مقدم البرنامج عبدالله المديفر.. كانت تلك من أروع المقابلات التي رأيتها في حياتي.. مقابلة مليئة بالفائدة والأمور المبشّرة..
ومن أكثر الأسئلة التي شدّت انتباهي حينها هو سؤال عبدالله المديفر “كيف يختار الأمير محمد بن سلمان فريقه؟”
كان سؤالاً رائعاً وموفّقاً من مقدّم البرنامج.. وجواباً ولا أروع من الأمير والذي قال بما معناه أنّ الكفاءة والقدرة على القيام بالعمل شيء ضروري، ولكنّها ليست المعيار الوحيد لاختياري الفريق.. إن كُنتَ تريد فريقاً لبناء حلم كبير وتحقيق تطلّعات عالية جدّاً، ستحتاج أشخاصاً يجدون شغفهم في عملهم المنوط بهم.. لأن الذي يعمل في مجال شغفه سوف يكون عمله هو قضيته الشخصية ويقدّم له كلّ طاقته..
إذاً.. الشغف هو الإدمان الصحّي..
حسناً..
وبعد ذكر زاوية جيّدة من إدمان الشغف..
هل هناك زاوية سيئة؟
نقول بالعامّية “كل ما زاد عن حدّه انقلب ضدّه”..
إذاً حتى الغرق التّام في الشغف قد يقود إلى بعض المشاكل..
وهذا ما سأتحدّث عنه في الأسابيع المُقبلة..
ولكن ما يهمّ معرفته الآن هو أنّ الشغف وقود التقدّم..
وبكلّ تأكيد..
الشغف وقود للإنجاز..
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi
مصادر
لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع عبدالله المديفر بمناسبة 5 سنوات على اطلاق الرؤية
How To ACTUALLY Find Your Passion!
https://www.youtube.com/watch?v=ckGbvK1Xddw&ab_channel=NiklasChristl