رحيل أم انسحاب؟
عملتُ في شركة نفط كبرى لمدة سنة كاملة تقريباً وبعدها انسحبت من العمل.. أو رحلت..
كان قراراً صعباً جدّاً إذ لم أعتد في حياتي على الانسحاب من تحدٍّ أو عمل قبل ذلك اليوم.. ناهيك عن صعوبة قرار ترك العمل ذاته..
كانت لديّ ظروف شخصية وعائلية لاتخاذي القرار الصعب الذي لم أتقبله بصدرٍ رحب لمدة من الوقت.. كنتُ أشعر بفشل الانسحاب حينها..
ولكن..
الآن وبعد مرور خمسة أعوام على “انسحابي” من تلك الشركة ووجودي في حالٍ أفضل بحمد الله أصبحت لدي رفاهية النظر إلى الوراء وتفكيك موقفي حينها..
حين تترك الوظيفة.. أو يحدث طلاق.. أو أيّاً كان نوع الرحيل.. أهو انسحابٌ فاشل؟
هل كلّ رحيل انسحاب؟ ما الفرق بين الانسحاب والرحيل؟
بالطبع ليس كلّ رحيل انسحاب.. ولا كلّ رحيل فشل..
حين تكون متميّزاً في عملك.. منجزاً ومسؤولاً..
أو حين تكون مخلصاً في علاقاتك.. وفيّاً ومسؤولاً..
لا يكون الرحيل فشلاً.. إنما هي بحث عن فرص أفضل.. أو درء أذىً قائم..
أعرفُ شخصاً عزيزاً على قلبي ألزم نفسه بأحد أنواع الحميات الغذائية لمدة عام ونصف وقد انخفض وزنه عشرين كيلو جراماً حينها..
ولكن توقف عن النزول أكثر من ذلك وأصبح للحمية أثراً سلبيّاً على حاله وصحته..
أصبح حينها في تردد بتغيير الحمية إلى حمية غذائية أخرى خوفاً من أن “ينسحب” ويعد تركه لهذه الحمية فشلاً..
ذلك الموقف هو ما ذكّرني بما مررتُ به حين كنتُ في تلك الشركة، فخصتُ معه حديثاً نفس هذا الحديث الذي في المقال..
وبعد تفكيك كلمة الانسحاب والرحيل.. قرّر أن “يرحل” عن تلك الحمية إلى حمية غذائية صحية أخرى.. وكانت النتائج إيجابية بحمدالله..
لك الحق بالحزن بعد الرحيل.. ولكن لا تطل الحزن.. ثق في خياراتك بعد التوكل على رب العالمين.. وستكون الخيرة فيما سيختاره الله لك بعد ذلك..
الرحيل ليس انسحاباً.. ليس فشلاً.. بل قد يكون قوّة.. وقد يحتاج إلى قوة..
قال الامام علي بن أبي طالب عليه السلام:
.. وكم من حاجةٍ لنا قضيناها بتركها …
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi