من يوقف العجلة الملعونة؟
حين نقرأ التاريخ، نجد أنّ كثير من الحروب التي امتدت إلى سنين طويلة يكمن جذرها في الانتقام..
أبسط مثال في تاريخنا نجده في حرب داحس والغبراء. الحرب التي استغرقت أربعين عاماً لتجد جذرها في الفَرَسَين داحس والغبراء..
معضلة الانتقام..
الانتقام معضلة لأنّه يعقّد الأمور.. حين تستمر حرب لأربعين عاماً تجد أنّ الأمر أصبح معقّداً ولم يعد من أجل فرسين.. يصبح الفَرَسَان مجرّد شعلة سبّبت نيران كثيفة أخرجت أسوأ ما فينا كبشر..
لذلك.. لن تقف سلسلة الانتقام إلا حين يأتي من يضحّي بالكثير من الكبرياء ويكبت الكثير من الحنق ويقف في وجه العجلة الملعونة بعزيمة كبيرة حتى يوقفها أخيراً..
ما حصل في داحس والغبراء أخيراً أنّ شريفين أديّا من مالهما ديات القتلى الذين فضلوا بعد إحصاء الأعداد وأطفآ بذلك نار الحرب..
.
.
ذلك ينطبق على جميع المشاكل أيضاً..
دار بيني وبين أحبّتي نقاش قبل سنتين عن المشاكل العائلية.. قال لي أنّ كثير من المشاكل العائلية قد تُحَل إن تنازل أحد الأطراف عن كبريائهم وامتصّوا غضب الجميع..
لقد رأيتُ نموذجاً من هذا الحوار على أرض الواقع..
رأيتُ كيف أنّ عائلةً كاملة كانت ستشتعل بينها حرب الميراث حتى تنازل طرفٌ من الأطراف عن حقّه من أجل رابط الأسرة كلّها..
أكان ذلك ضعفاً في شخصيّته؟ ربما نعم.. وربما لا..
نعلم أنّ ذلك الشخص مقتدر مادّياً، إذاً لن تدعه نفسه يطالب بقسمته في الميراث إلا طمعاً أو كبرياءً..
ولكنّه تغلّب على تلك النّفس وامتص غضب الجميع..
وما نعلمه أيضاً أنّه لم يكن أمراً سهلاً على قلبه بكلّ تأكيد..
أفعالٌ كهذه تستدعي قدراً عالياً من ضبط النفس واستذكار ما عند الله من العوض والأجر..
لذلك ليست من المبالغة بمكان أن ننعت هؤلاء الأشخاص بالأبطال..
أبطال ضحّو بالكثير من الامتيازات المادية أو المعنوية أو النّفسية من أجل إيقاف عجلة الكره الملعونة..
أبطالٌ حقيقيّون في أعيننا.. ولهم أجرهم عند ربهم بالتأكيد..
أختم مقالي باقتباس عبارة وجدتها في أكثر من مصدر لذلك لا أعرف صاحبها:
خبّئ في قلبك الغفران دائماً وقل يا رب عفوتُ لأجلك..
فاعفُ عنّا واغفر لنا وارحمنا يا مولانا يا كريم..
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi
مصادر
داحس والغبراء