أهداف العام القادم
في كلّ عام في هذا الشهر تزدحم غرفتي بالأوراق ويمتلئ رأسي بالضجيج سعياً للوصول إلى الخطوط العريضة لأهدافي في العام المقبل.. يتخلل تلك العملية أحاسيس متضاربة من الحماس تارة والإحباط تارة أخرى.. حماس البدء من جديد.. وإحباط تكرار الأخطاء.. لذلك أقرر في كلّ عام أن أصلح جانب أساسي في عملية تخطيطي لأهدافي كي أستطيع تحقيقها..
لن أتطرّق هنا إلى كيفية التخطيط لأهدافك أو كيفية إدارتك لوقتك فهناك الكثير من النّماذج الكلاسيكية من أجل تحقيق ذلك يستطيع أي شخص جاد في تخطيطه الاستعانة بها.. ولعلّي أذكر كلمتين مفتاحيتين لأبرز النّماذج التي يستعملها الأشخاص المنتجين:
- Eisenhower Matrix:
مصفوفة آيزنهاور – المشهورة بأحد أقسامها الأساسية “مهم غير مستعجل” من أجل تحقيق الأهداف طويلة المدى.
- Getting Things Done by David Allen:
كتاب إنجاز المهام لمؤلفه ديفد آلن – الطريقة المشهورة بخطواتها الستة من أجل تحويل الأهداف العائمة في عقولنا إلى خطوات واقعية لتحقيقها.
هذين النموذجين كانا ولا زالا فعّالين من أجل إنجاز الأمور.. ولكن ما أريد أن أشاركه في هذا المقال البسيط هو خطأين أساسيين كنت أقع فيهما بشكل مستمر في كلّ عام كي يتجنّبهما غيري:
الخطأ الأول – جهد بلا نتائج:
بدأت بهذا الخطأ لأنّه الأكثر شيوعاً في نظري.. لا زلت أتذكّر المرّات العديدة التي كنت أقول فيها لنفسي “أنا جالس أتعب وأسوي أشياء كثيرة.. لكن ما أحس أنّ في شي مهم قاعد أنجزه”.. الوعي بالمشكلة هي أحد مفاتيح حلّها.. لم أكن أعلم حينها أنّي كنتُ أنجز أمور هي ليست بذات الأهمّية ولا تصب في أهدافي بعيدة المدى.. نعم لقد كنت أفعل الكثير وأشعر بالإنهاك لكثرة الأمور التي كنتُ أعمل على إنجازها لكنها كانت أمور سطحية لا تأتي بنتيجة مرضية.. لذلك حين وعيت بالمشكلة قرّرت أن أجعل تركيزي على الأهداف بعيدة المدى وأصب جهدي الأكبر على إتمام جزء منها في روتيني اليومي حتى تأتي تلك اللحظة التي أنظر فيها للخلف بعد مدة وأرى إنجازاً كبيراً قد تحقّق بسبب الخطوات البسيطة التي كنت أخطوها من أجل الهدف الكبير كلّ يوم..
الخطأ الثاني – عدم الاستدامة:
أحد الإحباطات التي دائماً ما تصيبني هي عدم الاستمرارية في الإنجاز.. تراني أحقق هدفاً كبيراً في جانب معيّن ثمّ لا أستذكر أو لا أستعمل ما حقّقته.. أتعلّم مهارة جديدة ثم أنساها بعد فترة.. أتعلّم لغة جديدة ولا أحافظ على قوّتها في لساني وذاكرتي.. لذلك.. قرّرت أن أجعل لي نظاماً يحافظ على ما أحقّقه من إنجازات ترتبط بمهارات جديدة أو تعلّم علم جديد.. نظاماً يساعدني على إبقاء ما أتعلّمه في ذاكرتي بعيدة المدى كي أستحضره وأحقق أكبر استفادة مما حققت..
وهنا.. من الجدير بالذكر أن أشارككم ما وجدت خلال بحثي عن هكذا نظام:
Spaced Repetition
طريقة التكرار المتباعد – هذه الطريقة تركّز على نقل المهارات أو العلوم التي تتعلّمها من ذاكرة العقل قصيرة المدى إلى الذاكرة بعيدة المدى كي لا تنسى ما تعلّمته ويبقى حاضراً حين تحتاجه.. الفكرة وباختصار مُخِل هي أن تقسم وقتك لمراجعة المهارة أو العلم المعيّن في أسابيع وشهور (أوقات متفرّقة) كي تجبر عقلك لاستحضار شيء قديم ويصبح تذكّره أقوى في كلّ مرة حتى ترسخ تلك المهارة أو المعلومة في ذهنك ويصبح استحضارها أسهل..
ولكم الحريّة في البحث عمّا ذكرته في هذا المقال وغيره من الطرق التي لم يتم ذكرها.. وأخيراً.. لكلّ شخص طريقة ومزاجه في إنجاز الأمور.. لا توجد هناك الطريقة الأمثل.. ابحثوا عمّا يناسب ذوقكم ومزاجكم في الإنجاز واستمرّوا عليه..
في النهاية.. أتمنى لكم عاماً جديداً مليئاً بالصحة والعافية والانجاز.. وأسأل الله في نهاية هذا العام أن يجعلنا من أصحاب الخواتيم الحسنة وأن يثبّت قلوبنا في تحقيق أهدافنا في الدنيا والآخرة..
.
.
.
حسين العوفي