أرى ذلك الذي أمضى شهورًا طِوال ساهرًا ما بين البحوث وأخر الدراسات في تخصصه حتى نال ثمرة جهده، وهو بحاضره لا يفتأ من مساعدة الغير في توضيح وشرح أخر ما توصل إليه في مجاله؛ فشعور الاستحقاق الذي دفعه لمشاركة أي معرفه اكتسبها بعد جدٍّ وتعب لا يضاهيه شعور. وترى آخرًا يمشي مختالًا بما وصل له ومتفاخرًا بما سيؤول عليه بعدما اقتنى درجته العلمية بأساليب ملتوية. فشتان بين من يحمل وهمًا لينقل خطئًا وزورًا وآخر يحمل علمًا لينقل فهمًا ويرسخ قواعد معرفه.
هوس الألقاب والارتقاء بالوظائف العليا؛ قاد ثلة من الدارسين لهوسٍ أعظم وهو الحصول على الـ (د) أو على أعلىٰ درجة علمية ممكنة بأسهل الطرق وأبسط الإمكانات. فهناك مع الأسف اعدادً قليلة لا تذكر لكن أثرها يظهر لاحقًا في الميدان الوظيفي؛ فإذا لم يبتاعوا الدرجة العلمية من أي جامعة وهمية تجدهم يلتحقون بأي جامعة ويقومون بالبحث عن أشخاص مؤهلين لاستلام مهام ومشاريع مقرراتهم الدراسية. هم بالواقع أشد سوءًا من اصحاب الشهادات الوهمية؛ وذلك لأنهم بمجرد البحث عن جهة اعتماد مؤهلاتهم يفتضح زورهم؛ أما الفئة الآنفة ذكرًا المعتمدين على مجهود غيرهم ليسوا إلّا مجرد حاملين لشهادات علمية من ورق في واقع عملي حقيقي لمنصب مستقبلي قد يكون حساسًا.
لذٰلك فالشهادات الوهمية تظل كابوسًا يؤرق مضاجع الحريصين على المخرجات التي ستتخرج من تحت اشرافهم والإنتاجية التي ستنتج من ايدهم. وللأسف كلاهما المعتمد على جهد غيره أو الذي يبتاع أي درجة علمية من تاجر الألقاب المزيفة لا يقتات إلّا زورًا ولا يبيع إلّا وهمًا بإسم المعرفة والعلم. وبالأخير كل ذلك لا يكون إلّا على حساب كل فرد أمضى جُلَّ وقته في تحصيل العلا مترقبًا فرصًا تلائمه، وايضًا على حساب كل ميزانية رصدت بشفافية لتنفق على اعمال أو مشاريع أو مخرجات غير المؤهلين الذين قد يحالفهم الحظ مرة لتمر الامور بسلاسة أو يفضحهم واقعهم مرات الى أن يغدو من اعتمد عليهم في نائبة.
هاجر هوساوي
@HajarHawsawi