الإتفاق والخِلاف والإختلاف والتباين في الآراء وآرِد بين البشر؛ فتلك طبيعة في الإنسان منذُ الأزل. وبالقدر الذي يختلف فيه المرء على أمر مع الآخرين فهو يتفقُ معهم على أمر آخر؛ وذلك ليس جزافًا بل حسب الرؤى التي يراها والمقادير التي دام يدرس تفاصيلها. وبين ما طُرح ومالم يذكر تصطدم الحقائق بين البشر حتى تنبثق منها حقيقة واحده؛ وهي نورٌ تتجلىٰ به عناصر وُرِيت خلف حاجز ذكرياتهم، وعشمهم، وماهم عليه أو هم مقتنعين به. وأيًا كانت الحقيقة فهي مقبولة حتى إشعار آخر أو مرفوضة بسبب عائق آخر؛ وذلك العائق قد يكون ذات الشخص أو مقربًا له أو طرف آخر ثالث تمَّت الإستعانة به كوسيط لتتوضح من خلاله بعض الحقائق التي لم تُفهم او لتُصحح بعد الأخطاء التي عجز عن تبريرها.
فالطرف الثالث لم يكن إلا ذلك الجدار الذي يبنيه المرء بيديه ليرمم ويستر عيوب علاقاته المترهلة؛ ليتحول بالأخير ذلك الجدار للحاجز الذي يفصل كل علاقة متينة عن بعضها البعض. لذأ فأكبر عيب يتسبب بخلل في أي علاقة يكمن بوجود أداة وصل أخرى تحاول ربط أطراف علاقة كانت من الممكن ان تصبح بسرعة أكبر أقوىٰ من غير وجود طرف آخر لا علاقة له بالأمر.
- خلاف الإخوة قد ينتهي بينهم بلا وجود وسيط يصلح بينهم؛ فإن أدخل أحدهم طرفًا آخر قد يكون عنصر تشويش تتضاعف بسببه الفجوة الصغيرة بينهم لتصبح أكبر.
- في خصام الأقارب؛ دخول أي طرف ثالث يعني تفشي الشقاق والنفاق في جدران علاقاتهم.
- جفوة الآباء عن أبناءهم أكثر ما يعيق التواصل بينهم، فيلجأ الأهالي بموجه آخر بالوقت الذي أبناءهم بحاجة توجيههم؛ فيصبح الإحتواء الخارجي ذلك العائق الذي شيَّدوه طواعيةً بأيديهم.
- باختلاف الزوجين يبرز دور الدخيل الذي يستنجد به أحدهم ليوصل انطباعه، وتبريره، أو مشاعره. ومع مرور الأيام قد يتحول ذاك الدخيل للطرف الثالث الذي قد يكون أكبر عائق من عوائق استمرار العلاقة.
- وعند التباين في الآراء مع زميل العمل أو المدير قد يستغيث أحدهم بطرف ثالث ليكون الوسيط الأساسي بينهم؛ وعلى أقل الأضرار قد يوصل الطرف الثالث وجهة نظر الآخر بطريقة مغلوطة ليس كما يرغب فينشأ سوء فهمٍ أعمق يولد تفاوتًا أكبر بينهم.
لذلك، زِّد جرعة الثقة بقدراتك وكن أنت المتحدث عن نفسك، والقاضي بشؤون علاقاتك، والحكم على تصرفاتك، ومن يُبرر سوء او حسن قراراتك. حاول القضاء على كل حل يقودك لوسيلة لست أن الطرف الأساسي بها؛ حتى لا تصبح بالأخير الطرف المُهمش بينما أنت العنصر الأساسي به. ثق بأن الاختلاف وجد للوصول في نهاية المطاف للحل الصحيح، والتباين في وجهات النظر وجدت لتتقارب الوجهات وذلك بالنظر في الأمر من منظور الآخر، والخصام وجد لإزالة أي سوء فهم حتى تتوضح الحقائق.
💡 وآمن بأنه لا يوجد بنفوس البشر نزعة خلاف دائم ولا إتفاق أبدي؛ فالكل يعيش مابين هذا وذاك على أساس النمط الذي يؤمن به مع نفسه ويتعامل به مع غيره بلا دخيل ووسيط.
✍🏽 هاجر هوساوي
@HajarHawsawi