ضبط الانفعال
أذكر خصاماً حصل بين شخصين مقرّبين لي.. لم يكن موضوع الجدال مهمّاً بقدر رغبتي بتهدئة الوضع..
ما شدّ انتباهي أكثر في خضم ذلك الصّراخ المتعالي هو رجفة أحدهما..
كان يصرخ ويجادل كما كان الطرف الآخر يجادله ولكنّي كنتُ ألحظ كفّيه يرجفان..
اعتقدتُ في بادئ الأمر أنّه خائف ومتوتّر من ذلك الجدال، ولكنّ صراخه وجداله لم يوحي إلى توتّر!
إذاً لماذا تلك الرجفة؟!
بقي ذلك الأمر يأتي على خاطري بين الحين والآخر حتّى صدف وأن قرأتُ بعض المقالات التي تحدّثت عن تلك الحالة..
التعرّق ورجفة اليدين.. إنّها المرحلة الرّابعة من مراحل الانفعال..
حين يُصاب الانسان بالانفعال يمر بخمسة مراحل:
المرحلة الأولى، وهي المرحلة التي يطيل فيها التفكير (قد يكون لثوانٍ معدودة) في المسألة التي وقعت.. بمعنى أنّه يحاول استيعاب الحالة التي يمر بها..
المرحلة الثانية وهي مرحلة الادراك التي يستوعب فيها الانسان الحالة التي وقعت عليه بشكل سلبي أم إيجابي..
المرحلة الثالثة هي مرحلة التوتّر الداخلي، وهي التي تبدأ فيها ضربات القلب بالتّسارع استعداداً لردة الفعل..
المرحلة الرّابعة هي مرحلة التوتّر الخارجي، وهنا ينتقل التوتّر من داخلي إلى توتّر خارجي يظهر بالتّعرق ورجفة اليدين التي تختلف حدّتها من شخص لآخر.. وهنا نعلم أنّ هذه المرحلة كانت مرتفعة الحدة لدى الشخص الذي ذكرته آنفاً..
وأخيراً تأتي المرحلة الخامسة والتي هي مرحلة العمل أو ردة الفعل تجاه الموضوع الذي أثار انفعال الانسان..
يختلف طول وحدّة تلك المراحل من إنسان إلى آخر ولكنّها طريق عام يمر به كلّ من يصيبه الانفعال..
ماذا عن الانفعال الإيجابي إذاً؟ كيف يتم تحقيقه خلال هذه المراحل؟
حسناً.. يبد أنّ التعامل مع كلّ مرحلة يعتمد على نجاح تعامل المرء مع المرحلة التي قبلها كي يستطيع ضبط انفعالاته..
على سبيل المثال.. إن أدرك ذلك الشخص المرتجف اليدين أنّ رجفة يده لم تكن لشعوره بالخوف بل لأنّه في مرحلة من مراحل الانفعال لما اضطرّ أن يزيد من ارتفاع صوته كي يثبت أنّه متحكّم بالوضع..
وبالنّسبة للطرفين جميعاً، إن أدركا من المرحلة الأولى والثانية أنّ الانفعال قادم وأن التوتر الداخلي والخارجي سيمر من خلالهما لكان تحكّمهما بردّة الفعل في المرحلة الأخيرة أقوى..
يحصل معي كثيراً أن أندم على انفعالات كثيرة تصدر منّي..
إدراكي لتلك المراحل يساعدني في أن أحاول أن أحكم ردّة فعلي قبل أن تصدر..
وإن صدرت أعلم بأنّي مسيطر على ما يخرج من فمي على الأقل..
أسأل الله لي ولكم حياة مطمئنة وخالية من الانفعال..
.
.
.
حسين العوفي
@HussainAloufi
مصادر